نسبه ومولده ونشأته
هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وكنيته أبو حفص، وُلد في مكة بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة، أي حوالي سنة 584 ميلادية، ونشأ في قريش، وكان من أشرافها وأبطالها، وعرف بالشدة والقوة قبل الإسلام.
نشأ عمر في بيئة قاسية، حيث كان والده الخطاب بن نفيل قاسيًا عليه، وكان يرعى إبل والده في صغره. تعلم القراءة والكتابة، وكان من القلة الذين يجيدون ذلك في مكة قبل الإسلام. اشتهر عمر بشجاعته وقوته، وكان مصارعًا قويًا، وله مكانة مرموقة في قريش. عمل بالتجارة، وكان له باع طويل فيها، مما أكسبه خبرة في التعامل مع الناس.
عمر بن الخطاب قبل الإسلام
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل الإسلام معروفًا بشدته وقوته، وكان من أشد المعارضين للدعوة الإسلامية. كان يؤذي المسلمين، ويقف في وجه انتشار الإسلام. ولكن، رغم ذلك، كان يتمتع بصفات حميدة، مثل الشجاعة والصدق والعدل، والتي ظهرت بوضوح بعد إسلامه.
من المواقف التي تروى عن عمر قبل إسلامه، أنه كان من الذين شاركوا في مقاطعة بني هاشم في شعب أبي طالب، وكان من أشد المؤذين للمسلمين في تلك الفترة.
إسلام عمر بن الخطاب
كان إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه حدثًا مفصليًا في تاريخ الإسلام. تروي الروايات أن عمر خرج يومًا متوجهًا لقتل النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه قبل أن يصل إليه، سمع أن أخته فاطمة وزوجها سعيد بن زيد قد أسلما. فذهب إليهما غاضبًا، ولكنه عندما سمع القرآن الكريم، تأثر به كثيرًا، وأعلن إسلامه في السنة السادسة للبعثة النبوية، أي حوالي سنة 616 ميلادية.
كان إسلام عمر فتحًا ونصرًا للمسلمين، حيث كان من أشد المدافعين عن الإسلام بعد إسلامه. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر".
مواقف عمر بن الخطاب في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
- كان من أقرب الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومستشاريه.
- شهد جميع الغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأبلى فيها بلاءً حسنًا.
- كان من أشد المدافعين عن النبي صلى الله عليه وسلم والإسلام.
- كان من أصحاب الرأي والمشورة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستشيره في كثير من الأمور.
- من مواقفه الشهيرة، اقتراحه على النبي صلى الله عليه وسلم باتخاذ مقام إبراهيم مصلى.
خلافة عمر بن الخطاب
بعد وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في السنة الثالثة عشرة للهجرة، أي سنة 634 ميلادية، تولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة، وشهدت فترة خلافته توسعًا كبيرًا للدولة الإسلامية، حيث فتحت بلاد الشام والعراق وفارس ومصر. كان عمر يتسم بالعدل والزهد والقوة في الحق، وكان حريصًا على رعاية شؤون المسلمين.
أهم إنجازات عمر بن الخطاب
- التوسع في الفتوحات الإسلامية: فتحت في عهده بلاد الشام والعراق وفارس ومصر، وامتدت الدولة الإسلامية لتشمل مساحات واسعة.
- تنظيم الدولة الإسلامية وإنشاء الدواوين: أنشأ الدواوين لتنظيم شؤون الدولة، مثل ديوان الجند وديوان الخراج.
- وضع التقويم الهجري: وضع التقويم الهجري ليكون مرجعًا للمسلمين في تحديد المناسبات والأحداث.
- العدل والمساواة بين الناس: كان عمر حريصًا على تحقيق العدل والمساواة بين الناس، وكان يقول: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟".
- الزهد والورع: كان عمر يتصف بالزهد والورع، وكان يعيش حياة بسيطة، وكان يحرص على عدم الإسراف والتبذير.
- إنشاء نظام الحسبة: أنشأ نظام الحسبة لمراقبة الأسواق والتأكد من تطبيق الشريعة الإسلامية.
- توسيع المسجد الحرام والمسجد النبوي.
- إنشاء المدن الجديدة: مثل الكوفة والبصرة.
أشهر أقوال عمر بن الخطاب
- "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟".
- "لو عثرت بغلة في العراق، لخشيت أن يسألني الله تعالى عنها: لمَ لمْ تُمهِّد لها الطريق يا عمر؟".
- "أصلحوا سرائركم تصلح علانيتكم".
- "رحم الله امرأً أهدى إليَّ عيوبي".
- "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله".
وفاته
استشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه على يد أبي لؤلؤة المجوسي، وهو يصلي الفجر في المسجد النبوي في السادس والعشرين من ذي الحجة في السنة الثالثة والعشرين للهجرة، أي سنة 644 ميلادية. كانت وفاته فاجعة للمسلمين، وحزنوا عليه حزنًا شديدًا. دفن بجوار أبي بكر الصديق رضي الله عنه في المسجد النبوي.
الخاتمة
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أعظم الخلفاء الراشدين، وأكثرهم عدلاً وإنصافًا، وترك إرثًا عظيمًا في تاريخ الإسلام. كان مثالًا للقائد العادل والزاهد والورع، وكان له دور كبير في نشر الإسلام وتوسيع الدولة الإسلامية.
المصادر
- ابن كثير، "البداية والنهاية".
- الطبري، "تاريخ الرسل والملوك".
- ابن هشام، "السيرة النبوية".
- الذهبي، "سير أعلام النبلاء".
- صحيح البخاري.
- صحيح مسلم.