مجتمع بلا دولة
تخيل كيف يكون شكل المجتمع اذا لم تحكمه سلطة او حكومة ؟ نعم هناك من يدعو الى
هذا المبدأ الذي يُسمى بالأناركية او اللاسلطوية و هو باختصار غياب الحكم !!
لكن لماذا يروج الانسان لفكرة اللاسلطوية ؟
مصطلح الاناركية مستمد في الاصل من كلمة "أناركيموس " اليونانية و التي تعني بدون
"اركونات " اي بدون حكام ،ووفقا لهذه الفلسفة السياسية،يُنَظمُ المجتمع ليس من
خلال الخضوع للقانون أو السلطة ، بل من خلال اتفاقيات حرة بين مجموعات تطوعية من
كافة المجتمع ليس لهم سلطة عليا !!.. لكن لماذا قد يروج الانسان لهذه الفكرة ؟
تعتمد الدولة او الحكومة على مبدأ التسلسل الهرمي "وهو تسلسل افقي للسلطات" يتكون
من هيئات او أشخاص تحكم المجتمع ،و فوق سلطتهم مسؤولون آخرون ، و على راسهم جميعا
رئيس أو حاكم.
لكن وفقا لأوائل مفكري الاناركية في القرن التاسع عشر "19" فإن هذا التسلسل
الهرمي للدولة غير ضروري، بل ضار !! ، لأن القوانين و التشريعات فيها توضع على يد
الاغنياء و الاقوياء فتنتج عنه تبعية غير مرغوب فيها، و هو وسيلة للاستبداد تولد
العنف و الفقر ، و الهيمنة على المصالح و الثروات .
إذاََ .. كيف سيكون شكل المجتمع من غير حكومة ؟
يجدال الاناركيون بأن غياب الدساتير و الحكومات لا يؤدي الى "لاعدالة"، بل الى
العدالة الحقيقية المتأصلة في التطور الطبيعي للبشر فعندما لاتقيدهم القوانين
المشرعة من الدولة و الحكام ،سيعيشون في مجتمع حر مبني على تسلسل أفقي لا أحد له
فيه سلطة على الاخر،ويعتمد على المبادئ البشرية الاساسية ، مثل التنظيم الذاتي و
التجمع الطوعي و الحرية ، و الاستقلال الذاتي و الديمقراطية المباشرة و المساواة.
ولأن المبدأ الاساسي منها هو استبدال السلطة و الهيمنة بهياكل أفقية متساوية ،
ترفض " الأناركية " الرأسمالية و اليمين المتشدد بشكل حاد و تسعى لإلغاء سلطة
الدولة، فهي مشروع يساري متطرف .
تطور الأناركية
تعود جذور فكرة الأناركية الى ما قبل القرن السادس ميلادي ، لكنها انتشرت في
منتصف القرن التاسع عشر، حين شكل ناشطوها مجموعات للتمرد على السلطة خلال الاوقات
السياسية المضطربة، مثل الثورات الفرنسية و الروسية و الحرب الاهلية الاسبانية ،
كما اكتسبت نفوذا في الولايات المتحدة الامريكية بعد الحرب العالمية الثانية ، و
تم تبنيها من طرف الحركات المناهضة للحرب و الرأسمالية و العولمة ، لتنتشر و
تتطور بشكل كامل في جميع أنحاء العالم في أوائل القرن العشرين.
و على مر السنين تفرعت هذه الفلسفة وأصبحت تحتها مدارس فكر مختلفة ،
الوقوف ضد الاناركية و نقدها
لطالما وصفت من قبل نقادها بأنها فلسفة مثالية غير واقعية و فوضوية ، تؤدي الى
الفوضى و وحشية أشبه بالغابة ، لأن طبيعة الانسان تحتم صعود أفراد الى القمة
ليحكموا آخرين.
وأظهر التاريخ عدم وجود دول متقدمة تعمل كأناركيات على نطاق وطني واسع و تتمتع
بالحكم الذاتي مئة بالمئة ، ولقد كان الرئيس الامريكي السابق دونالد ترمب أشد
المعادين للاناركية، ووصفها بابشع الاوصاف.
في الاخير : برأيك هل الاناركية سياسة فوضوية و مدمرة أم مبدأ منطقي و عادل ..؟؟
اترك تعليقك بالاسفل .
___
المصدر بتصرف : سياسة لس