قصة حرب نووية كادت ان تقع و كيف جنب الضابط ﺑﻴﺘﺮﻭﻑ العالم حدوثها

 ستانيسلاف بيتروف


تخيل نفسك و انت في عام 1983  ، تعمل ضابط لدى الجيش السوفييتي  . و كانت وضيفتك آنذاك هي الجلوس بأحد قاعات المراقبة التي توجد بها احد اكثر اجهزة الانذارات تطورا وقتها ، اذ  تعمل هذه الاجهزة  مع الاقمار الصناعية و التي طورها الاتحاد السوفيتي من اجل مراقبة اي هجوم امريكي محتمل و الرد عليه قبل بلوغ اراضيها ..
و كانت الحرب الباردة على اوجها و كل قطب متخوف من القطب الاخر و مجهز نفسه بكل ما أوتي من قوة للرد على اي عدوان .

غرفة المراقبة يوجد بها اتصال مباشر مع كبار القادة الذين تحت تصرفهم اتخاذ القرار ، بحيث انه اذا عمل جهاز الانذار المتطور فما عليك فقط الا حمل السماعة و الاتصال مع كبار القادة ليعطو اوامر الرد .

و انت تجلس في تلك القاعة و فجأة انطلق جهاز الانذار  ينذر بان هناك خطر قادم نحو الوطن .. وان هناك هجوم محتمل  لا رجعة فيه
و تعلم ان  الاتصال مباشرة مع القادة الكبار يعني انك اعطيت لهم الضوء الاخضر بان يأمرو باطلاق الصواريخ نحو العدو مباشرة , و معلوم ان الاتحاد السوفيتي و امريكا يمتلكان ترسانة قوية جدا من الاسلحة النووية واسلحة الدمار الشامل ..

فهل كنت ستتصل ام لا .. ؟

هذا ما حصل بالضبط  للضابط السوقيتي ستانيسلاف بيتروف و  المتوفي سنة 2017 ؟؟

في هذه الظروف تلقت غرفة المراقبة إنذارا بحدوث هجوم أمريكي على الأراضي السوفييتية.
الجهاز كان ينذر بانطلاق خمسة صواريخ من أمريكا باتجاه الاتحاد السوفيتي ! اي انه انطلق الانذار خمسة مرات
 كل ما كان على بيتروف عمله هو أن يضغط الزر الأحمر و يتصل بالقادة الكبار ليدفع بحرب عالمية ستكون الاعنف و الافجع
و ستتعدى نتائجها وحدودها وكوراثها البشرية جمعاء.

ولحسن الحظ أن بيتروف كان الضابط الوحيد من أفراد فريقه الذي تلقى تعليما مدنيا، وأن جميع زملائه في الفريق كانوا عسكريين محترفين تعلموا الثنائية الآلية التلقائية الأوتوماتيكية توجيه الأوامر والتنفيذ.
 أخذ بعض الوقت ليحلل الوضع أمامه فظهر له أنه من الصعب أن تكتفي الولايات المتحدة بخمسة صواريخ في هجوم ( لابد أن يكون كاسحا واستباقيا ومكبلا عن ردود الفعل دفعه واحدة )، في هذا التخمين حاول فحص معلومات الرادار بدقة أكبر، وعندها لم يجد دليلا واضحا عن خلل أو هفوة. و هذا ما زاد في عصبية الموقف إضافة الى عامل الوقت المتعلق برد الفعل الحمائي لوطنه،
وهو ما يقتضي أن يتصرف بأسرع ما يمكن، ولم يشأ أيضاً  الضغط على الزر من فزع التعرض لقصف  سيبدأ بحرب فانية قد تكون بسبب خطأ تقني....

لكنه و في هذا الظرف العصيب  اتخذ قراره المصيري بأن لا يضغط على "زر رد الفعل" و ذلك بإتباع حدسه وتخميناته ذات الخلفية مدنية التكوين،

ﻭﺭﻭﻯ ﺑﻴﺘﺮﻭﻑ ﻓﻲ ﻟﻘﺎﺀ ﺃﺟﺮﺗﻪ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﺮﻭﺳﻴﺔ ﻓﻲ ”ﺑﻲ ﺑﻲ ﺳﻲ” ﻋﺎﻡ 2013، ﻛﻴﻒ ﺻﺪﺭﺕ ﻗﺮﺍﺀﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﻜﻤﺒﻴﻮﺗﺮ، ﺻﺒﺎﺡ 26 ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ/ﻛﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﻭﻝ 1983، ﺗُﺮﺟﺢ ﺇﻃﻼﻕ ﻋﺪﺓ ﺻﻮﺍﺭﻳﺦ ﺃميركية ﻓﻲ ﺍﺗﺠﺎﻩ ﺭﻭﺳﻴﺎ.

ﻭﻗﺎﻝ: ”ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻱ ﻛﻞ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ‏ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺟﺢ ﺃﻥ ﻫﺠﻮﻣﺎ ﺻﺎﺭﻭﺧﻴﺎ ﻳﻨﻔﺬ ﺍﻵﻥ.. ﻭﺇﺫﺍ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﻳﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ، ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻷﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻨﺎﻗﺶ ﺍﻷﻣﺮ.”

 ﻭﺃﺿﺎﻑ: ”ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺳﺄﻓﻌﻠﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻘﺎﻁ ﺳﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻬﺎﺗﻒ ﻭﺍﻟﺘﺤﺪﺙ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻂ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ، ﻟﻜﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺗﺤﺮﻙ ﻭﺃﺣﺴﺴﺖ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﻨﺖ ﺃﺟﻠﺲ ﻓﻲ ﺇﻧﺎﺀ ﻟﻠﻘﻠﻲ.”

و ﻗﺎﻝ  ” ﺑﻌﺪ ﻣﺮﻭﺭ 23 ﺩﻗﻴﻘﺔ، ﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ ﺷﻲﺀ. ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻫﺠﻮﻡ ﺣﻘﻴﻘﻲ، ﻟﻜﻨﺖ ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺫﻟﻚ. ﻭ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺗﻨﻔﺴﺖ ﺍﻟﺼﻌﺪﺍﺀ .”

ﻭ بعدها ﻛﺸﻔﺖ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎﺕ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﺃﻥ ﻗﻤﺮﺍ ﺻﻨﺎﻋﻴﺎ ﺭﻭﺳﻴﺎ ﺭﺻﺪ ﺿﻮﺀ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﻤﻨﻌﻜﺲ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺴﺤﺐ، ﻭ تعرف عليه بالخطأ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺤﺮﻛﺎﺕ ﻟﺼﻮﺍﺭﻳﺦ ﺑﺎﻟﻴﺴﺘﻴﺔ ﻋﺎﺑﺮﺓ ﻟﻠﻘﺎﺭﺍﺕ..

فلحس حظ العالم وقتها ان بتروف الذي تلقى تعليما مدنيا كان داخل قاعة المراقبة وقت حصول هذا الخلل التقني