الجزيرة الأكثر عزلة في العالم
وسط جمال المحيط الأطلسي، تقع جزيرة صغيرة تُدعى تريستان دا كونا. تُعتبر هذه الجزيرة من أكثر الأماكن عزلة في العالم، حيث تبعد حوالي 2000 كيلومتر عن أقرب قارة. تسكنها 9 عائلات في نظام اجتماعي بسيط ومستدام.
تريستان دا كونا جزء من سلسلة جزر بركانية تقع بين جنوب القارة الأفريقية وسواحل أمريكا الجنوبية. من بين هذه الجزر، تبرز جزيرة سانت هيلينا التي نُفي إليها نابليون بونابرت عام 1815. ولمنع هروبه، نشر البريطانيون جنودًا في جزيرة تريستان دا كونا المجاورة. بعد انتهاء مهمتهم، قرر العريف الأسكتلندي وليام غلاد البقاء مع عائلته وبعض الرجال الآخرين، مؤسسين مستعمرة مسيحية هناك.
أصبحت الجزيرة جزءًا من الأراضي البريطانية في ما وراء البحار، وفي عام 1817، وُقع اتفاق للعيش في كنف المساواة. وفي عام 1826، سافر خمسة رجال عزاب إلى جزيرة سانت هيلينا لخطبة نساء، وعادوا بخمس زوجات.
مع افتتاح قناة السويس في عام 1869، تراجعت الرحلات عبر الجزيرة. وفي عام 1942، أنشئت محطات للرصد الجوي وأجهزة راديو لمراقبة الغواصات الألمانية، مما أدى إلى بناء منشآت جديدة مثل المدرسة والمستشفى ودكان البقالة.
حاليًا، يعيش في الجزيرة 244 شخصًا، يتحدثون الإنجليزية ويعتمدون على الزراعة والصيد وتربية الحيوانات لتحقيق الاكتفاء الذاتي. تشتهر الجزيرة بإنتاج أفخر أنواع سلطعون البحر وبيع الطوابع البريدية للهواة والسياح. في عام 1955، وُقع اتفاق مع حكومة جنوب أفريقيا لمواصلة أنشطة الرصد الجوي والبحوث العلمية.
في أكتوبر 1961، تسبب اندلاع بركان في إجلاء السكان إلى جزيرة الرأس الأخضر ثم إلى ساوثهامبتون بإنجلترا. ولكن السكان لم يتأقلموا مع الحياة العصرية، فعادوا إلى جزيرتهم في عام 1963.
حتى عام 2000، لم يكن التيار الكهربائي متوفرًا في الجزيرة. ثم جاءت بعثة من الأمم المتحدة لتعهد بتوليد التيار الكهربائي، على أن يدفع السكان ثلث التكلفة.
تبلغ مساحة الجزيرة 207 كم²، وللوصول إليها، يجب السفر إلى كيب تاون بجنوب أفريقيا، ثم ركوب قارب شراعي لمدة 18 يومًا. عند الوصول، يُرحب بك في إدنبرة البحار السبعة، عاصمة الجزيرة والوحيدة المأهولة بالسكان، حيث يعيش جميع سكان تريستان دا كونا البالغ عددهم 245 نسمة.
___
المصدربتصرف : أطلس الجغرافيا والتاريخ
