موضوع مختصر عن حياة الحجاج بن يوسف الثقفي، أكثر الشخصيات المثيرة للجدل

مختصر حياة الحجاج الثقفي


الحجاج بن يوسف الثقفي ، alhajaj ben youcef althaqafi

مولد الحاج ابن يوسف و نسبه 

وُلد الحجاج ابن يوسف الثقفي في عام 40 هجرية،الموافق ل660 ميلادية في الطائف، بالقرب من مكة المكرمة،وهو كُلَيبْ أبو محمد "و لقد لقبَ نفسه بالحجاج لاحقاً"، بن يوسف،بن الحكم،بن أبي عقيل، بن مسعود، بن عامر، بن معتب، بن مالك، بن كعب، بن عمرو، بن سعد، بن عوف، بن ثقيف السفياني الثقفي، وأمه الفارعة، بنت همام، بن عروة، بن مسعود الثقفي الصحابي الجليل.


تعلمه و تتلمذه  :

كان والده رجلاً مميزاً، إذ كان مطلعاً على العلم وفضائل الآداب، حتّى أنَّه كرّس حياته لتعليم أبناء الطائف القرآن الكريم، دون تلقي أجر على عمله هذا، ومن هذا المنطلق حفظ الحجاج كتاب الله على يد والده، ثم ولج إلى حلقات أئمة وكبار العلم من الصحابة والتابعين أمثال: عبد الله بن عباس، وأنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وغيرهم، وبعد ذلك انخرط في تعليم الصبيان شأنه في ذلك مثل شأن والده، وقد أثرّت نشأة الحجاج في الطائف على فصاحته، فقد اتصل بقبيلة هذيل التي كانت تُعدُّ أفصح العرب، وبرع في مجال الخطابة.

عَمَله و شخصيته :

عمل الحجاج في مطلع شبابه معلم صبيان مع أبيه، يعلم الفتية القرآن والحديث، ويفقههم في الدين، لكنه لم يكن راضياً بعمله هذا، على الرغم من تأثيره الكبير عليه، فقد اشتُهِر بتعظيمه للقرآن.
اما عن شخصيته فكان معروفاً بحُسن العبادة، وكان غيوراً على القرآن معظّماً له، و يُعلمه بلا مقابل ويجزل العطاء لأهله، وكان الحجاج بعيداً كل البعد عن الملذات، زاهدا في المال وكان صاحب مواعظ بليغة، معروف ببعده عن صفات النفاق، وكل هذه الصفات.

ما الذي غير من طبع و شخصية الحجاج و كان منعرجا لحياته ؟

كانت الطائف تلك الأيام بين ولاية عبد الله بن الزبير،وبين وِلاية الأمويين، لكن أصحاب عبد الله بن الزبير تجبَّرُوا على أهل الطائف، فقرَّر الحجاج الانطلاق إلى الشام،
إلا انه هناك مصادر تذكر من أنه وقع بينه وبين صبية من «ذهل » خلاف، فقام أحد رجال الشرطة بصفعه على وجهه بسياط، فكان وقع هذا الحدث شديداً في نفسه، فعزّت عليه كرامته أن يُهان بهذه الطريقة وهو يرى نفسه بريئاً، فقرر من يومها الهجرة إلى الشام وهو حاقد على ابن الزبير ودولته في الحجاز، وانضم إلى فريق عبد الملك بن مروان.

عمله في شرطة الشام و تدرجه فيها :

التحق الحجاج ابن يوسف الثقفي بشرطة الشام للعمل بها وأثبت نفسه وجدارته فيها، فتوسط به قائد الشرطة روح بن زنباع الخليفةَ عبد الملك بن مروان و نصحه به، و الذي عيّنه بدوره في مناصب عدة فأثبت نفسه فيها بكل استحقاق، فرأى عبد الملك بن مروان فيه الشخصية الأقدر التي يمكن أن يثق بها ويبطش بها على أعدائه. 

القضاء على دولة عبد الله ابن الزبير في الحجاز :

في عام 73هـ الموافق ل 692 ميلادية، قرر عبد الملك بن مروان التخلص من عبد الله بن الزبير، فجهزَ جيشاً ضخماً لمنازلة ابن الزبير في مكة، وأمر عليه الحجاج بن يوسف، فخرج بجيشه إلى الطائف، وانتظر الخليفة ليزوده بمزيد من الجيوش، فتوالت الجيوش إليه حتى تقوى تماماً، فسار إلى مكة وحاصر ابن الزبير فيها لعدة شهور،
و كان قد أعلن الحجاج الأمان لمن استسلم من أصحاب ابن الزبير، وأمنه هو نفسه، غير أن عبد الله بن الزبير لم يقبل أمان الحجاج، وقاتل رغم تفرق أصحابه عنه الذين طمعوا في أمان الحجاج[حسب بعض المصادر]، فقُتل ابن الزبير الذي كان عمره حينها 72 سنة، وولايته كان مر عليها  8 سنين، و كان عمر الحجاج 32 سنة.

• هل ضرب الحجاج ابن يوسف الثقفي الكعبة بالمنجنيق ؟

يزعم البعض بأن الحجاج قد ضرب الكعبة بالمنجنيق حتى هدمها، وقد رد ابن تيمية على ذلك. 
فقال في الجواب الصحيح (5|264): « والحجاج بن يوسف كان مُعظما للكعبة لم يرمها بمنجنيق ». ويقول في الرد على المنطقيين (1|502): « والحجاج بن يوسف لم يكن عدوا لها ولا أراد هدمها ولا أذاها بوجه من الوجوه ولا رماها بمنجنيق أصلا». 

أما حكاية المنجنيق فبها شك من أصلها. فالحجاج قد تقدم جيشه واحتل جبل أبي قبيس الذي عليه القصر الملكي اليوم، وجبل قعيقعان، وهما مطلان على المسجد الحرام من المشرق والمغرب وقريبين إليه جداً. فما الحاجة للمنجنيق؟، والمسجد الحرام من طابق واحد غير مرتفع، ومن السهل بمكان على جيش من آلاف أن يعلوه ويدخله، وهو ليس مبني أصلاً ليكون حصناً. وهدمه لا يحتاج أكثر من بضعة أيام. فلِما طال الحصار إلى عدة شهور؟ وإن دل هذا على شيء، فيدل على حرص الحجاج على الكعبة المشرفة.

• قصته مع أم عبد الله بن الزبير بعد قتله :

بعد ان قضى الحجاج على ابن الزبير ، أرسل إلى أمه " أسماء بنت أبي بكر" أن تأتيه، فأبت ذلك ، فأرسل إليها قائلا  لتأتين أو لأبعثن من يسحبك بقرونك، فأرسلت إليه قائلة : والله لا آتيك حتى تبعث إليَ من يسحبُني بقروني. فلما رأى ذلك أتى إليها، فقال: كيف رأيتني صنعت بعبد الله؟، قالت: رأيتك أفسدت عليه دُنياه، وأفسدَ عليك آخِرَتــَك، وقد بلغني أنك كنت تُعَــيِرُه بابن ذات النطاقين، فقد كان لي نطاق أُغطي به طَعام رسول الله صلى الله عليه وسلم من النمل، و نطاق لا بد للنساء منه ،فانصرف عنها الحجاج ولم يراجعها. 
وقيل دخل الحجاج عليها فقال: إن ابنك ألحــد في هذا البيت، وإن الله أذاقه من عذاب أليم. فقالت: كذبت، كان بَرا بوالديه، صواما قواما، و لكن قد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم" أنه سيخرج من ثقيف كذابان، الآخر منهما شر من الأول، وهو مبير". 
معنى مبير : اي انه مهلك يسرف في إهلاك الناس

توليه الامارة :


-1- إمارته على الحجاز :

بعد قضاء الحجاج على دولة ابن الزبير في الحجاز، عيّنه عبد الملك بن مروان عليها،و على اليمن واليمامة، فضاق به أهلها [حسب بعض المصادر]،فشكوه للخليفة  الذي عزله عن ولاية الحجاز بعد ان حكمها لعامين وعيّنه بعدها على ولاية العراق.

-2- إمارته على العراق : 

 في عام 694 ميلادية الموافق ل 75 هجرية ، عين الخليفة عبد الملك ابن مراون الحجاج ابن يوسف الثقفي واليا على العراق،و يمكن القول ان البداية الحقيقية للحجاج بدأت في العراق.

احوال العراق وقتها : تميز العراق عن غيره من بلاد المسلمين في ذلك الوقت بكثرة الاضطرابات والفتن،وكان العراق حينها عراقين ،عراق العرب،و عراق العجم .و قد كان الاضطراب حينها بحكم الحركة العلمية في البصرة والكوفة التي زادت من وعي العامة، إضافة لوجود معارضة ضد بني أمية من الخوارج وبعض فقهاء ورجال العراق. وقد دامت ولاية الحجاج على العراق 20 عاماً، وفيها أيضا مات. 

اول ما ولي الحجاج على العراق نزل  بالكوفة، وكان قد أرسل من أمر الناس بالاجتماع في المسجد، ثم دخل المسجد ملثماً بعمامة حمراء، واعتلى المنبر فجلس وأصبعه على فمه ناظراً إلى المجتمعين في المسجد فلما ضجوا من سكوته خلع عمامته فجأة وقال خطبته المشهورة التي بدأها بقول : يا أهل العراق! أنا الحجاج  بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود.
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا    متى أضع العمامة تعرفوني

و خطبته الكاملة يمكنك الاطلاع عليها في صفحة منفردة : -- هنا --

وبين في خطبته سياسته الشديدة، وبين فيها شخصيته، كما ألقى بها الرعب في قلوب أهل العراق. ومن العراق حكم الحجاج الجزيرة العربية، فكانت اليمن والبحرين والحجاز، وكذلك خراسان، من المشرق تتبعه، فقاتل الخوارج، والثائرين على الدولة الأموية في معارك كثيرة، فكانت له الغلبة عليهم في كل الحروب، وبنى واسط، فجعلها عاصمته.



قضاؤه على الفتن و الخوارج 

إن الحجاج خلال حكمه الذي تعدّى عشرين عاماً، تمكن من القضاء على الفتن والفوضى في ربوع العراق، ولاحق الخوارج إلى خارج العراق، وتمكن من قتل زعيم الخوارج قطري بن الفجاءة في ذلك الوقت.

فكان قد حشد الناس للجهاد ضد الخوارج، ولكن سرعان ما نشبت حركة تمرد في صفوف المحاربين نتيجة إنقاص الحجاج من أجورهم مبلغ مئة درهم، ولكنه تمكن من إخماد التمرد، كما أنّه عفا عن المتمردين إلا بعض القادة، وبعد أن عاد الاستقرار إلى العراق توجه الحجاج إلى البدء بحركة الفتوحات التي توقفت منذ فترة، فأرسل جيشاً عظيماً بقيادة ابن الأشعث أُطلق عليه جيش الطواويس، ولكن هذا الجيش أعلن الثورة، وقد استغرق الحجاج مدة ثلاث سنوات حتى استطاع إخماد الثورة، حيث خاض معركة دير الجماجم بمساعدة جيش الشام، وتمكن من القضاء على المتمردين.


تسلط و ظلم الحجاج ، و الدفاع عنه.

قد يكون الحجاج ظلم هذا وسجن هذا وقتل هذا، ولكن الأمور وقت الفتن تتداخل فيصبح المرء في حالة من عدم اليقين هل هو على حق الصحيح؟ أو على باطل الخطأ؟، إضافة إلى أن تاريخ دولة بني أمية كُتب في عهد الدولة العباسية التي أنهت وجود دولتهم، فمن الطبيعي في ذلك الوقت أن يتم تشويه تاريخ بني أمية ورجالهم كأمثال الحجاج.

انجازات الحجاج ابن يوسف 

ومن إنجازات الحجاج قيامُه بالعديد من الإصلاحات، فقد عَرّب الدواوين وأصلح العملة وأصلح الأراضي الزراعية، كما منع بيع الخمور وأمر بعدم النّواح على الموتى، وبنى الجسور على الأنهار في العراق، وأقام الصّهاريج لتخزين مياه الأمطار، كما أمر بحفر الآبار في المناطق المقطوعة لتوفير مياه الشرب للمارّة.

ومن أعظم إنجازاته العمرانية بناء مدينة وسط بين البصرة والكوفة وفي عام 702م، والتي استمر بناؤها ثلاث سنواتٍ وعند انتهائه منها اتخذها مقراً لحكمه.

أما على الصعيد الخارجي فقد بعث الحجاج الجيوش لنشر الإسلام في البلدان الأخرى، فقد فُتح في عهده بلاد ما وراء النهر بما تعرف اليوم بكازاخستان وأوزبكستان، كما بعث ابن عمه محمد بن قاسم الثقفي إلى بلاد الهند والسند، ففتح مدنها ونشر الإسلام في ربوعها، وإن كنا سوف نتحدث عن إنجازاته فلن تسعفنا هذه المقالة.

وفاة الحجاج ابن يوسف الثقفي 

توفّي الحجاج في ليلة السابع والعشرين من رمضان عام 95هـ/ 714 م حسب الروايات المجمع عليها، وسبب الوفاة كانت نتيجة إصابته بسرطان المعدة، وقد قال قُبَيل وفاته بعض أبيات الشعر، ومنها:

يَا رَبِّ قَدْ حَلَفَ الأَعْدَاءُ وَاجْتَهَدُوا  ***  بِأَنَّنِي رَجُلٌ مِنْ سَاكِنِي النَّارِ
أَيَحْلِفُونَ عَلَى عَمْيَاءَ؟ وَيْحَهُمُ  ***  ما عِلْمُهُمْ بكريم العَفْوِ غَفَّارِ؟

فأخبر بذلك الحسن فقال : « تالله إن نجا لينجون بهما ».

----------
المصادر بتصرف :
– تاريخ العراق القديم والحديث، عبد الرزاق الحسني، الطبعة 1958. عن موقع عرب بوست
– موقع موضوع أكبر موقع عربي بالعالم 
– ويكيبديا