قصة المرابط يوسف ابن تاشفين..؟ من هو..؟كيف عاش وأسس الدولة ..؟و كيف حمى الاندلس ..؟


يوسف ابن تاشفين
قصة يوسف ابن تشافين

من هو يوسف ابن تشافين  ..؟ : 

كما هو معلوم للجميع ، فانه لمن المؤسف أن الكثير من المسلمين لا يعلمون عن الكثير من تاريخهم الاسلامي المليء بالاحداث و القضايا ، وكيف لا وهو التاريخ الذي دام لاكثر من 14 قرنا و لا يزال .
و اننا في كل مرة على مدونتنا نطرح مواضيع مفيدة و منوعة ، اخترنا لكم منها في هذا الموضوع احد أشهر الشخصيات الاسلامية و اكثرها أثرا في التاريخ ، رغم وجود شيء من التهميش لتاريخه .او لعدم بحث الكثيرين عن قصة حياته، انه أمير المسلمين أبو يعقوب يوسف بن تاشفين بن إبراهيم اللمتوني الصنهاجي الذي عاش بن فترة (400 - 500 هـ / 1009م - 1106 م)

-1- متى واين ولد يوسف ابن تشافين .؟ 

ولد يوسف بن تاشفين بن إبراهيم ،والمكنى بأبي يعقوب سنة 400 هجرية  الموافق ل 1009 ميلادية  ، في منطقة واقعة على المثلث الحدودي بين المغرب و الجزائر و موريطانيا ،

-2- نشاة يوسف ابن تشافين .

نشاء ابن تشافين على حب الاسلام و الرباط و الجهاد، و هذا ماجعله في فترة من حياته يلتحق بدعوة الشيخ عبد الله بن ياسين، مؤسس الحركة المرابطية ، و قد كان عبد الله بن ياسين حينها مرابطا على نهر النيجر؛ ليصبح يوسف فيما بعد أحد أكثر المقربين منه.

◄ عبد الله ابن ياسين 

 بدأت قصة تأسيس دولة المرابطين حينما انبرى الداعية عبد الله بن ياسين لنشر دعوته الإصلاحية بين قبائل المغرب العربي، فقد رأى عبد الله بن ياسين الانحرافات العقدية والسلوكية التي ظهرت بين قبائل المغرب بسبب ضعف سيطرة الدولة العباسية على تلك الديار وإهمالهم لها، فاتصل مع القائد يحيى بن عمر اللمتوني حيث توطدت العلاقة بينهما فأعدا جيشاً من آلاف المتطوعين لإعادة توحيد بلاد المغرب، ومحاربة الشرك والضلال الذي استشرى بين البربر، وقد تركزت حروبهم مع إمارة برغواطة التي ادعى أميرها النبوة وخرج عن تعاليم الإسلام.

-3- كيف حكم ابن تشافين و أسس دولة المرابطين .

بعد وفاة عبد الله بن ياسين و قيام أبي بكر اللمتوني بإدارة الشؤون مكانه  ؛ و عندما قرر ابو بكر غزو الصحراء جنوبا ،  أوكل  شؤون المغرب لابن عمه يوسف بن تاشفين، و فوق ذلك  زوّجه بزوجته زينب بنت إسحاق النفزاوية بعد أن طلقها .
وفي ظرفٍ وجيزٍ تمكن «ابن تاشفين» من توحيد القبائل، و نجاحه في إكمال الدعوة الاصلاحية و محاربة الشرك ، حينها ذاع صيته في أرجاء المغرب، و بين باقي القبائل
استطاع خلالها إخضاع جميع القبائل لسيطرة دولة المرابطين من تونس شرقاً إلى المحيط الأطلنطي غرباً،
فكّر حينها يوسف في بناء مدينة تكون قاعدة لحكمه فوقع اختياره على أرض تقع شمال غربي مدينة أغمات فاشتراها، فكان ذلك مولد مدينة مرَّاكش مركز القيادة و الحكم سنة 454 هجرية الموافق ل 1062 ميلادية .

و بعد أن عاد «أبو بكر» من غزواته في الصحراء، اعترف بفضل يوسف في الاستقرار الذي شهده المغرب فقرّر التنازل له عن الملك، وقال له: « أنت أخي وابن عمي، ولم أرَ مَن يقوم بأمر المغرب غيرك، ولا أحق به منك ، وأنا لا غناء لي عن الصحراء، وما جئت إلا لأسلم الأمر إليك ، وأهادنك في بلادك ، وأعود إلى الصحراء مقرّ إخواننا، ومحلّ سلطاننا ».

-4- حماية الاندلس من السقوط .

حينما كانت دولة المرابطين في المغرب تشتد و تزداد قوة و ابن تاشفين يرسم فيها الاستقرار ، كانت الضفة الشمالية الغربية للبحر المتوسط تشهد اضطرابًا كبيرًا، بعد أن استفحل الذلّ والهوان قلوب المسلمين حتى صار ملوك الطوائف يبعثون بالجزية إلى ملك قشتالة كل عام، إلى أن غضب البعض وضجوا من غطرسة ملك قشتالة، فقام المعتمد بن عبّاد بقتل الرسل الذين بعثهم ألفونسو لجمع الجزية من المسلمين
و حينها كانت كلمة ملوك  كل من فرنسا و البرتغال و اسبانيا قد توحدت على طرد المسلمين من أرض الاندلس بعد سقوط طُليطلة وامتناع ملوك الطوائف عن دفع الجزية، و تحالف ملك قشتالة، ألفونسو السادس، وسانشو الأول، ملك أراجون ونافارا، والكونت برنجار ريموند، حاكم برشلونة ،.
وساروا بجيشٍ ضخم من جليقية وليون، وبدأوا في الاستيلاء على قرى المسلمين واحدةً تلو الأخرى؛ حتى وصلوا إلى ضواحي إشبيلية، فأحرقوا قُراها وحقولها، وحاصروا قلعة سرقسطة  حصارًا شديدًا.

موضوع مشابه قد يهمك : برابط واحد مباشر تحميل سلسلة الاندلس من الفتح الى السقوط للدكتور راغب السرجاني


◄ رسائل الى ابن تاشفين 

• رسالة من أمراء الطوائف 
هذا الحصار أدى الى خشية المسلمين من سقوط سرقسطة، و كان ملوك الطوائف حينها على دراية بقوة دولة المرابطين و سيطرتها على المغرب
فأرسل أمراء الطوائف رسالةً إلى يوسف ابن تاشفين ،مُوَقعة من 13 أميرًا، يناشدون الإسراع إليهم بالنجدة قبل سقوط سرقسطة، و كان نص رسالة  المعتمد ابن عباد الى ابن تاشفين كما يلي :: « إن كنت مُؤثرًا للجهاد فهذا أوانه، فقد خرج الأذفونش إلى البلاد، فأسرع في العبور إليه ».

• رسالة من الفونسو 
بعد أن بلغ مسامع ألفونسو أنّ أمراء الطوائف قد استغاتوا بـ يوسف ، ارسله رسالةً جاء فيها: « إن كنتَ لا تستطيع الجواز - يقصد عبور البحر  – فابعث إليَّ عندك من المراكب أجز إليك ، وأناظرك في أحبِّ البقاع عندك، فإن غلبتني فتلك غنيمة جُلِبت إليك، ونعمة مثُلت بين يديك، وإن غلبتُك كانت لي اليد واستكملتُ الإمارة .».

• رد ابن تشافين 
يرد عليه يوسف برسالةٍ يخيّره بين ثلاثة:
إما أن يعتنق الإسلام، أو يؤدي الجزية، أو القتال.
وكان مما قاله ابن تاشفين لألفونسو: « بلغنا يا أذفونش – ألفونسو – أنك دعوت للاجتماع بك، وتمنّيت أن يكون لك فُلك تعبر البحر عليها إلينا، فقد أجزناه إليك، وجمع الله في هذه العرصة بيننا وبينك، وسترى عاقبةَ دعائك، وما دعاء الكافرين إلا في ضلال».

• رد  ألفونسو
لما قرأ "ألفونسو" رسالة " ابن تاشفين" ، ألقاها على الأرض، وقال للرسول : اذهب فقل لمولاك: « إننا سنلتقي في ساحة الحرب ». 
وردّ على الرسالة بلهجةٍ ملؤها الغضب والغيظ والوعيد،.
فلما قرأ  "ابن تاشفين" رد  ألفونسو، قال: « هذا كتاب طويل، أحضر رسالة الأذفونش، وأكتُب في ظهرها: « الذي سيكون ستراه ».

◄ اللقاء ، و معركة الزلاقة 

بعد سجال الرسائل بين الأمير يوسف بن تاشفين، والملك ألفونسو السادس، أتى موعد اللقاء، ليركب «ابن تاشفين» مع جنده البحر المضرب سنة 479هـ ومع تعالي الأمواج، قام الأمير متضرعًا إلى ربه قائلًا: «اللهم إن كنت تعلم أن فى جوازنا هذا خيرة للمسلمين فسهّل علينا جواز هذا البحر، وإن كان غير ذلك فصعّبه حتى لا أجوزه».

نزل الأمير يوسف – صاحب السبعة والسبعين عامًا وقتها – بالجزيرة الخضراء التي أعطاه إياها المعتمد بن عبّاد، فقام بتحصينها؛ وجعلها قاعدةً خلفيةً لقواته، وهناك وافاهُ المعتمد بن عباد، والمتوكل بن الأفطس، حاكم بطليوس؛ ليضع «ابن تاشفين» خطته لمواجهة تحالف ألفونسو.

كانت خطته مقتبسة من خطة الصحابي خالد بن الوليد في موقعة الولجة في فتوح فارس، بحيث قسَّم الجيش ثلاث فرق: الفرقة الأولى وهي المقدمة بقيادة المعتمد وتضم 15 ألف مقاتل، والفرقة الثانية خلف الأولى وعلى رأسها يوسف بن تاشفين وتضم 11 ألف مقاتل، ومن بعيد تنتظر الفرقة الثالثة وتضم 4 آلاف مقاتل هم من أمهر الرماة والمحاربين.

معركة،الزلاقة
مصدر صورة معركة الزلاقة مواقع التواصل الاجتماعي 


وفي يوم الاثنين 12 رجب سنة 479هـ (1086م) دارَت المعركة الفاصلة المسماة بـ " موقعة الزلاقة " ؛ بين جيش يوسف بن تاشفين و جيش ألفونسو؛ وتلقى جيش ألفونسو ضربةً قوية في هذه المعركة فأصيب ألفونسو في إحدى ركبتيه وفرّ من المعركة برفقة 500 فارسٍ فقط من أصل 80 ألف فارس.

ووصف «لسان الدين بن الخطيب» في كتابه « أعمال الأعلام فيمن بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام» مشهد هروب ألفونسو قائلًا: «فارًّا لا يُهدى ولا ينام ومات من الخمسمائة فارس الذين كانوا معه بالطريق 400، فلم يدخل طُلَيْطِلَة إلا 100 فارس، والحمد لله على ذلك كثيرًا، وكانت هذه النعمة العظيمة والمنة الجسيمة ».

وبعد انتهاء المعركة وأفول خطر ألفونسو، تلقى يوسف بن تاشفين نبأ وفاة ابنه وولي عهده أبي بكر فقرر العودة إلى المغرب، وعاد أولًا إلى إشبيلية واستراح أيامًا، ثم عبر إلى المغرب وترك من جنده 3 آلاف رهن تصرف المعتمد بن عبّاد

عاد يوسف بن تاشفين بعدها ثلاث مرّات للدفاع عن الأندلس إثر محاولات ألفونسو الانتقام من ملوك الأندلس لتعاونهم معه، كانت آخر مرّة عبر فيها إلى الأندلس لحمايتها من الحملات الصليبية سنة 496هـ 1103م للدفاع عن مدينة بلنسية، إلى أن توفي يوم الاثنين الثالث من محرم سنة 500هـ (سبتمبر (أيلول) سنة 1106م) وقد بلغ من العمر نحو 100 عام.

و بعد حوالي أربعة قرون من وفاة يوسف بن تاشفين الذي حفظ ماء وجه المسلمين في الأندلس في واقعة الزلاقة التاريخية؛ وقع آخر ملوك الأندلس، أبي عبد الله الصغير، معاهدة استسلام مع الملكين الكاثوليكيين فرديناند وإيزابيلا بالدموع، وبذلك انتهى الوجود الإسلامي في شبه الجزيرة الأيبيرية.
---
المصدر بتصرف : موقع ساسة بوست 
حكيم نوري
بواسطة : حكيم نوري
مدون جزائري، مهتم بعالم التقنية والمحتوى الهادف، يساهم بنشره عبر هذه المدونة المنوعة بالفائدة.